العراق اولا ضمن مؤشر "بازل"
بعدما احتل العراق المرتبة الاولى، ضمن المؤشر الصادر عن معهد بازل للحوكمة ضمن النسخة السنوية السادسة كأخطر دولة على الصعيد العربي والعالمي في مجال تبييض الأموال، حذر برلمانيون واقتصاديون من تحول البلد الى "دولة مافيوية"، فما طالبوا بصولة ضد الفساد المالي والاداري بالبلاد.
وذكر تقرير المعهد، ان "الاردن جاء الأول عربيا، تلاه قطر، السعودية، الكويت، مصر، البحرين، الأمارات، تونس، المغرب، الجزائر، اليمن، لبنان واحتل العراق المرتبة الأولى من حيث الدولة الأكثر خطورة على الصعيد عربي والعالمي".
ويستند التقرير الى 14 مؤشرا فرعيا غير مرجحين بالتساوي في تتراوح نتيجة كل دولة بين الدول العشر الأكثر خطورة وعلامة صفر للبدان الأقل خطورة.
ويعتبر غسيل الأموال من المواضيع الساخنة على مستوى العالم، وتعمل الحكومات والجهات الأمنية والمؤسسات المالية، والمصرفية بشكل خاص، على مكافحته، لما يشكله من تهديد جدي للسلام والأمن العالمي.
تعرف عملية غسيل الاموال او تبييض الأموال اقتصاديا بانها، "تحويل الأموال الناتجة عن ممارسة أنشطة غير شرعية إلى أموال تتمتع بمظهر قانوني سليم خصوصاً من حيث مصادرها".
وأدى الصراع على المال بين أصحاب النفوذ الاقتصادي وانتشار الفساد بين كبار موظفي الدولة في العراق، إلى ارتفاع ظاهرة تبييض الأموال (غسل الأموال)، خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت إلى جريمة منظمة تدافع عنها عصابات ولها هياكل تنظيمية، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير تناهض جرائم الأموال في بلد نفطي نخر الفساد أكثر مؤسساته الغنية.
وقالت النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف، ان "الفساد المالي والاداري والسياسة المالية للدولة العراقية يقفان وراء تصنيف العراق كأخطر دولة على الصعيد العربي والعالمي في مجال تبييض الاموال"، محذرة من أن "المؤشرات الحالية تنذر بتحول العراق إلى دولة مافيوية".
ودعت نصيف في حديث صحافي، في 16 ايلول الحالي، إلى "ضرورة القيام بصولة ضد الفساد المالي والإداري، ومعالجة عمليات الاستنزاف المالي عبر الاستدانة الخارجية"، لافتة إلى "وجود عملية استنزاف خطيرة للاحتياطي النقدي في العراق".
وفي أبريل/نيسان 2015، كشفت اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن خسارة البلاد نحو 360 مليار دولار، بسبب عمليات الفساد وغسيل الأموال، جرت مدة 9 سنوات في الفترة ما بين عامي 2006 و2014،
وأصدرت الحكومة العراقية، قانوناً يكافح تبييض الأموال ويمنع إخفاءها في قنوات رسمية، كان البنك المركزي قد تقدم به قبل. وغسيل الأموال هي جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية على أموال قذرة تُكسب في الغالب من أعمال مخالفة للقوانين، كالتهريب وتجارة الممنوعات والرشى وغيرها.
وتمت هذه العملية عبر مراحل عدة أهمها "التمويه"، وهو إيداع هذه الأموال في حسابات مصرفية والقيام بعمليات تحويل متعددة من مصرف إلى آخر داخل الدولة وخارجها بهدف تعقيد عملية تتبع هذه الأموال أو معرفة مصدرها الرئيسي قبل أن يتم دمجها في مشروعات علنية مشروعة كالتجارة والصناعة.
وقال سعد الحديثي، المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إن مجلس الوزراء وافق قبل أيام على مشروع قانون مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب.
وأضاف، أن "فريقاً حكومياً في العراق سيعمل على متابعة ورسم سياسات خاصة لمعالجة قضايا غسل الأموال وفق القانون الذي صدر"، موضحا أن الفريق الذي من المرجح أن يرأسه وزير المالية أو محافظ البنك المركزي سيتكون من ممثلين آخرين عن وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والتجارة والاستخبارات وباقي المؤسسات المعنية بالأمن والمال العام، ويقوم الفريق بمراقبة حركة الأموال العراقية في الداخل والخارج وفرض إجراءات وقائية رادعة لغسل الأموال.
بدورها أعلنت رابطة المصارف الخاصة العراقية، أن إقرار مجلس الوزراء قانون مكافحة تبييض الأموال الذي يعد من القوانين المهمة والداعمة للقطاع المصرفي، سيعطي ثقة عالمية للمصارف الخاصة في العراق.
وقال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن جريمة تبييض الأموال تحتاج إلى قانون قوي وفعال من البرلمان بالتعاون مع الجهات الرقابية والتنفيذية، لأنها عملية واسعة وتحتاج مظلة سياسية مشتركة من كل الدوائر والجهات لملاحقة المجرمين.
وفي المقابل، أكد عضو اللجنة القانونية، محسن السعدون، أن جريمة غسيل الأموال في العراق أصبحت خطيرة، لاسيما أموال الفساد المالي، وعلى الرغم من ذلك فإنه يجد أن هذه الجريمة لا تصل خطورةَ جرائم غسيل الأموال التي تحصل في دول العالم. مضيفاً أن اللجنة القانونية تحقق في وجود اتهامات لقاض قام بإيقاف إجراءات ضد عدد من المصارف التي تهرب أموالاً إلى الخارج.
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي يوسف علي، إن الأموال المهربة كانت تلجأ إلى أماكن آمنة في دول كالأردن والإمارات وتدخل الشبكة المصرفية لتصبح نظيفة بعد أن كانت قذرة، لافتا إلى أن البنك المركزي العراقي هو من كان يشرعن غسل الأموال القذرة.
ويضيف ان "العراق شهد بعد 2003 غياب الرقابة الحكومية بكل مفاصل مؤسساتها إلى تهريب أرقام خيالية إلى خارج الحدود وكان أول رقم أسطوري 556 مليار دولار بين سنتي 2006-و 2009 ثم كبر الرقم في نهاية 2016 ليصبح الرقم ترليون دولار من أموال واردات النفط ومن موجودات البنك المركزي في مزاد بيع العملة الصعبة اليومي.
ويعزو ذلك الى غياب الرقابة الحكومية بكل مؤسسات الدولة، وغياب دولة القانون والأجهزة الرقابية وسياسة الإغراق والسوق السوداء، واعتماد السوق المفتوحة أمام الأسواق العالمية وما خلفه من تدمير للبنى التحتية، وانكشاف السوق العراقية أصبحت بيئة ملائمة لغسيل الأموال وتحويلها إلى الخارج .
كما اكد ان "فتح الحدود مع الدول المجاورة ومع العالم بدون قيد أو شرط أدى الى سهولة تداول الأموال وتحويلها إلى الخارج، وادى عدم الاستقرار السياسي الاقتصادي والانفلات الأمني وشيوع تجارة الممنوعات وتزايد معدلات الجريمة بكل أنواعها الى ارتفاع الجريمة، كذلك استخدام شبكة الأنترنيت هي الأخرى ساعدت على التوسع في عمليات التحايل من خلال استعمالها من قبل عصابات غسيل الأموال للاستفادة من السهولة الخاطفة للتحويلات النقدية عبر العالم.
وتعد مصادر غسيل الاموال في العراق مختلفة كثيرا عن الدول الاخرى وخاصة المتقدمة، وهي على الاكثر من سرقات المصارف والبنوك بعد العام 2003، والتي تمثل نسبة عالية في تكوين وعاء غسيل الاموال في العراق، وكذلك الاموال المتأتية من سرقة الاثار الثمينة وتهريبها، وبيعها في دول العالم المختلفة، ويأتي تهريب النفط، وتهريب المكائن والآلات والمعدات والمصانع الى الخارج ثانيا من حيث مصادر غسيل الاموال، اضافة الى عمليات السرقة والخطف، والاموال المخصصة لا عادة الاعمار التي تتجه نحو اقامة مشاريع وتقديم خدمات وهمية .
مصدر اخر من مصادر غسيل الاموال يأتي من المتاجرة بالمخدرات والرشوة والفساد الاداري، والتربح من الوظائف العامة، والاموال التي كانت بذمة مسؤولي المالية في بعض مؤسسات الدولة خلال الحرب الاخيرة، .والشركات الوهمية.
وقال رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي في 9/8/2015، "هناك تقارير للرقابة المالية في 2010 عن فساد غسيل الاموال في العراق، ولكن النفوذ السياسي السلطوي للفاسدين لا يسمح بملاحقة وكشف الحقائق للذين يعبثون بأموال الدولة".
أضف تعليق