اقالة محافظ كركوك "فرصة ضائعة".. وهذه خيارات بغداد واربيل
في خطوة تُكاد تكون متأخرة، أقدم مجلس النوّاب ، اول امس الخميس، على إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم، بعد موافقة كريم على اقحام المحافظة في استفتاء الاستقلال الذي ينظمه إقليم كردستان في 25 أيلول الجاري، من دون موافقة باقي المكونات في المدينة.
وأعلن عدد من اعضاء مجلس النواب العراقي، أن البرلمان العراقي أيد، طلب قدم في وقت سابق رئيس الوزراء حيدر العبادي بإقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم.
غير قانوني
ويرى النائب عن التحالف الكردستاني، فرهاد قادر أن "تصويت البرلمان على إقالة نجم الدين كريم محافظ كركوك، وبالأغلبية غير قانوني لعدم وروده بجلسة البرلمان، ولأن محافظة كركوك لها خصوصيتها، عن المحافظات الأخرى بحسب قانون بريمر".
وأضاف أن "مجلس محافظة كركوك له صلاحية سحب الثقة من المحافظ"، لافتا إلى أن "نجم الدين كريم يستطيع تسجيل شكوى لدى المحكمة الاتحادية، لأن محافظة كركوك لم تشهد انتخابات منذ 12 عاما".
لكركوك خصوصيتها
من جهته، عد محافظ كركوك نجم الدين كريم قرار البرلمان بالتصويت على إقالته، بأنه مفخرة لكركوك وله شخصيا، بحسب بيان لمكتبه.
وبحسب البيان، فإن كريم يفتخر ومعه مواطنو كركوك الذين صوتوا له العرب والتركمان والكرد والكلدواشوريين في الانتخابات البرلمانية عام 2014 بعد أن صوت 173 عضوا في البرلمان لإقالة (المحافظ) بغياب ممثلي الكتل الكردستانية بالبرلمان.
وأضاف أن "مجلس محافظة كركوك الحالي لا ينطبق عليه قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم، بل هو يعمل وفق قانون (بريمر) الذي حدد تعيين وإقالة المحافظ حصرا من قبل مجلس المحافظة الذي يعمل بالقانون هذا ومازال يعمل به".
وأشار إلى أن محافظ كركوك منحت له الثقة في مجلس المحافظة، وهو الوحيد الذي يستطيع الإقالة وليس رئيس مجلس الوزراء أو البرلمان.
وعزا قرار الإقالة أنه جاء بعد مواقف المحافظ التي يؤمن بها أهالي كركوك في تقديم أفضل الخدمات لهم وإدارته في ظل التحديات والأوضاع الأمنية ورفع علم كردستان إلى جانب علم العراق ودعوته لمشاركة كركوك في عملية الاستفتاء.
وأكد بيان المحافظ أن نجم الدين كريم باق في مهامه وخدمة مواطني كركوك الذين منحوا أصواتهم له بجميع مكوناتهم وعلى العكس من بعض أعضاء البرلمان الذين صوتوا اليوم لكنهم كانوا قد حصلوا على أقل الأصوات بانتخابات العام 2014، لذا فقرار البرلمان باطل ولا يعني لكركوك شيئا، ولا لمحافظ كركوك المستمر بخدمة مواطني المحافظة.
تجاوزات دستورية
اقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم، من منصبه، يراه البعض بأنه متأخر لكثرة التجاوزات والخروقات دستورية التي ارتكبها كريم، منها اخضاع كركوك عنوة لما تريده سلطات اقليم كردستان، وتهميش رأي باقي المكونات بالمحافظة من العرب والتركمان.
رفع علم الاقليم
بالإضافة الى اقحام كركوك في استفتاء انفصال كردستان، تمثلت ابرز تجاوزات نجم الدين كريم، المنتمي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني، بالإيعاز لرفع علم إقليم كردستان شبه المستقل على المؤسسات والدوائر الحكومية.
رفع علم الإقليم في كركوك على المؤسسات التابعة للدولة، لم يبدر في حينها من الحكومة والقوى السياسية في بغداد، أيّ رد فعل فوري.
وبعد أيام عدة، وتحديداً في صباح الاثنين (3 نيسان 2017) خرج رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي على الرأي العام - عبر قناة الميادين اللبنانية - برواية قال فيها، إنه اتصل بمحافظ كركوك وبأطراف أخرى في مجلس المحافظة، وتحدث معهم عن قضية رفع علم التحالف الكردستاني وإنهم أخبروه بأن الموضوع «فرض عليهم بطريقة معينة»! وإنهم سيتراجعون عن رفعه قريباً، وإنهم يبحثون عن صيغة للتراجع، وإنه اقترح عليهم أن يستغلوا مناسبة النوروز ويقولوا إنهم رفعوا علمهم بهذه المناسبة.
تلا ذلك قرار من مجلس النواب الاتحادي يرفض فيه رفع العلم الكردستاني ويدعو إلى عدم التصرف بنفط كركوك من قبل السلطات المحلية، وفي اليوم التالي ردت القيادة الكردية على العبادي ومجلس النواب بقرارين خطرين وقويين: رفضت في الأول قرار مجلس النواب الاتحادي وأصرَّت على إبقاء علمها المحلي مرفوعاً، وقررت في الثاني الاستعداد لإجراء استفتاء من طرف واحد على ضم المحافظة إلى الإقليم الكردي شبه المستقل والسائر بحزم نحو الانفصال في دولة مستقلة، بل وزادت فطالبت الحكومة الاتحادية بتخصيص موازنة مالية خاصة لتغطية هذا الاستفتاء.
أي أنها تريد ضرب الوحدة الكيانية للعراق بأموال عراقية يأتي 90% منها تقريباً من عائدات نفط الجنوب العراقي!
الاستيلاء على حقول النفط
وفي أذار الماضي 2017، استولت قوة من البيشمركة الكردية على حقول نفط كركوك بعد عودة المحافظ نجم الدين كريم من زيارة إلى نيويورك في حينها، وقد تمت لملمة هذه الحادثة من دون أن يفهم الرأي العام إن كانت تلك القوات قد انسحبت منها أم لا.
علماً بأن قوات بيشمركة الشريك والغريم التقليدي لحزب الطالباني، أي الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني، سيطرت على الجزء الآخر من تلك الحقول قبل هذا التاريخ. وكان البارزاني قد نجح منذ أكثر من عام على إرغام الحكومة الاتحادية على الاعتراف بدوره في حساب وتصدير نفط هذه الحقول ولم تعد منذ ذلك الحين تحت سيادة الحكومة الاتحادية الفعلية كما ينص الدستور النافذ.
الحل لمشكلة كركوك
ومع تداعيات اقالة محافظ كركوك منصبه، لا زال موقف سلطات الاقليم بالمضي قدماً على شمل كركوك بالاستفتاء الشعبي من اجل الانفصال والذي يعني ضم المدينة لخارطة الاقليم، بالمقابل ترفض الحكومة الاتحادية اجراء الأكراد وإنها لا تعترف بأي مخرجات من استفتاء الاقليم.
وبينم الشد والجذب بين بغداد والاقليم، هنالك عدة خيرات أمام لحل لمشكلة كركوك التي لازالت معلقة منذ قرابة 14 عاماً، منها الاستفتاء على جعل كركوك إقليماً قائماً بذاته يحفظ حقوق جميع مكوناته، أو تقسيم المحافظة إلى محافظتين، واحدة للمكون الكردي وأخرى للمكونات غير الكردية، أو باقتراح حل يضمن السيادة المشتركة للمركز والإقليم معاً على المحافظة بعد جعلها ببلديتين واحدة للأحياء الكردية وأخرى لغير الكردية.
وبعض هذه الحلول ليست مجهولة أو سراً من الأسرار. وقد تحدث عنها بعض الزعماء والقيادات الكردية كالسيد محمود عثمان القيادي المستقل في الاتحاد الكردستاني، بل وحتى المحافظ الحالي لكركوك نجم الدين كريم كان قد اقترح قبل أن يتحول الى موقفه المتطرف الحالي تحويل كركوك إلى إقليم قائم بذاته.
إنما المشكلة هي في إصرار الطرف الكردي وتحديداً حزب الطالباني وحليفه اللدود حزب البارزاني على وجوب تطبيق حله الخاص وعدم مبادرة الطرف الحكومي على اقتراح أية صيغة للحوار تفضي الى حل حقيقي يرضى به الجميع.
أضف تعليق