ماذا يعني ان يستقل الاكراد بدولة كردية؟
بقلم:الدكتور سامي آل سيد عكلة الموسوي
تعتمد عملية اتخاذ القرارات الخطيرة التي تخص مصائر الشعوب والدول على العديد من الاسس العلمية والقيم الاخلاقية الثابته.
ولايمكن ان تنجح تلك القرارات اذا اتخذت بشكل انفعالي من قبل بعض الشخصيات السياسية او الاحزاب التي لاتمثل الا نفسها وبعض الملتحقين بها والقليل من المؤيدين لها لاغراض مختلفه.
واذا ما علمنا بأن اتخاذ القرارات الفردية التي تخص الفرد او مجموعة صغيرة تعتبر فاشلة حين تتخذ بشكل انفعالي وقد تؤدي الى عواقب وخيمة على الذين اتخذوها او قبلوا بها؛ فما بالك بقرارات مصيرية مثل قرار الاستقلال القومي لفئة من الناس في دولة تقوم على اسس قومية لاغير؟!
ويبدو ان السيد مسعود برزاني وحزبه كغيرهم من سياسي العراق المعاصر يضعون مصالح احزابهم ومصالحهم الفردية والمذهبية والقومية فوق مصالح الناس الذين هم يمثلونهم. وعندما يكون المرأ لايفكر الا بدائرة قصيرة النظر ضيقة الافق فانه لايتمكن من اتخاذ قرارات صائبه بل وسوف لن يجني منها الا الفشل الاكيد.
والامر في الاستقلال بدولة كردية لايعني فقط التقوقع القومي بل يجب ان يدرس بحكم المؤثرات الخارجية المحيطة بتلك الدولة ناهيك عن تقزيم واختزال مواطنيها ضمن القوقعة القومية والحدود الادارية الضيقة والمحاطة بالاعداء.
ولننظر الى كيف ستكون هذه الدولة الكردية؟
قبل كل شيء ستولد دولة ضعيفة افقها قومي ذو عنصر كردي واحد ولكنه غير متجانس. فالذي في السليمانية ليس كالذي في اربيل ودهوك من نواحي التفكير والصياغة السياسية والبعد المنهجي وحتى التطلع الوطني.
وسوف تفقد هذه الدولة عنصر التنوع الذي يعتبر حسب العلوم الاجتماعية والجيوسياسية مقوم من مقومات القوة والابداع المتنوع لدى الدول المتقدمة على مر العصور. ومن ناحية اخرى ستكون تلك الدولة تحيط باهلها سوراً من الحدود يضع قيوداً اقتصادية وتجارية وعلمية ومجتمعيه على الاقل فيما يتعلق بالتبادل المنفعي مع كافة محافظات العراق بل وحتى الدول المجاورة.
وسوف لن ترحب بهذه الدولة الدول الاقليمة الا بمقدار ما يتعلق بكم ستحصل منها وهذا يؤدي الى هدر ليس مواردها فقط بل سيادتها وامنها وكرامة مواطنيها.
وقد قرأنا بان الدولة التي رحبت بانفصال الاكراد هي (اسرائيل) ولابد ان يفهم ذلك جيداً على ان اسرائيل لاتريد ذلك من اجل عيون الاكراد ومصالحهم بل من اجل مصالحها هي فوق كل شيء. ولابد ان يفهم ذلك من خلال الامن والكرامة والسيادة.
وهنا لابد ان نفهم بان اسرائيل سوف لن تكون جارة للاكراد بل سيكونون محاطيين بدول غير مرحبة ولامطمأنه او مرتاحة لدولتهم وهي ايران وتركيا وسوريا وبالطبع البلد الام في الجنوب الكردي.
هذه الدولة سوف لن تتمكن من حماية نفسها من التدخل التركي بل وحتى التمدد التركي والايراني وسوف لن يكون العراق مسؤولا عن حمايتها او تقديم العون لها ….
وهناك مخاطر معقدة جدا قد تحرك حروب جديدة الشعب الكردي والشعب العراقي عموما في غنى عنها. فالعراقيون من غير الاكراد سوف لن يقدموا حدوداً سهلة لدولة انشقت عنهم خاصة فيما يتعلق الامر بالمناطق ذات الموارد النفطية والطبيعة الستراتيجية المهمة لحفظ الامن ومنها كركوك بالطبع والعديد من مناطق النزاع في ديالى وغيرها.
هنا يرتكب السيد مسعود برزاني وحزبه خطئاً فادحا ليس بحق العراق فحسب بل بحق الشعب الكردي الذي سوف يزجه بحروب لاطائل له منها ليس فقط مع العراق الام ولكن سيكون هناك مطامع ايرانية وتركية في الحدود والاراضي. وقد يؤدي ذلك الى رجوع الارهاب من باب آخر ويمهد له ان يتغلغل حتى داخل العمق الكردي هذه المره.
الامر خطير جداً وقد تدفع باتجاهه بعض شركات تصدير السلاح والمنتفعين من تشرذم الدول والشعوب. واننا ننصح السيد البرزاني وحزبه ان يعيدا النظر بشكل دقيق وغير انفعالي وعلى اقل تقدير ان يصبر حتى يستقر الوضع في المنطقة لكي لايمهد لارهاب وحروب جديدة تطال الاخضر واليابس.
وبعد الاستقرار وتحسن الوضع يمكن للامور ان تتضح اكثر وان تتخذ القرارات ليس باستفتاء مرفوض اقليميا ودوليا ومحليا مسبقاً بل لعل تحسن الوضع العام والاقتصادي والامني يلقي بانعكاسات ايجابية تجعل من العراق الواحد المتنوع افضل بكثير للاكراد ان يعيشوا فيه ويجنوا فوائد ذلك منه بدلاً من التقوقع المذكور اعلاه … والحليم تكفيه الاشارة…..
أضف تعليق